هذه القصيدة لشاعر لا اظن ان الكثيرين قد سمعوا باسمه مع انها تصنف من روائع الشعر العربي وهو سعيد بن حميد ويكنى بـ ( دوقلة المنبجي ) وقد قيل بأن هذه القصيدة كانت سببا مباشراً في قتل قائلها ومنشدها .
القصيدة القاتلة هي المسماة بـ ( الـيـتـيـمـة ) ... تلك القصيدة التي ذاع صيتها بهذا الاسم بعد أن سميت بأسماء أخرى كـ ( دعد ) نسبة الى احدى ملكات اليمن السعيد بعد أن بقي اسم قائلها مجهولاً لسنين طويلة ... ( ولعل تسميتها باليتيمة لكونها وحيدة لا شبيه لها نظرا لقوة سبكها وروعة تشبهاتها ومعانيها وسلاسة صياغاتها ووضوح مقاصدها ) ... وقيل أيضاً بأن سبب تسميتها باليتيمة لأن قائلها لم يجري على لسانه من الشعر سوى تلك القصيدة .
وقصتها تقول ( على ذمة الرواة ) ... ان ملكة في اليمن أو أميرة دعت الشعراء إلى التباري في مدحها ووصفها وذكر جمالها ... على أن تتزوج صاحب أجود قصيدة ... وبينما شاعر اليتيمة في طريقه إلى اليمن ... قابله آخر ولم تكن قصيدته تصل مستوى اليتيمة لا معنىً ولا حبكةً ولا لفظاً ... فقتل صاحب اليتيمة وأخذ القصيدة وقصد ديار جميلة الجميلات الملكة اليمنية ليلقيها بين يديها لعلها تكون سببا بالفوز بقلبها والزواج منها وهو الهدف المنشود .
وقف صاحبنا بين يدي الملكة وأخذ يلقي القصيدة التي كانت تصف كل جزء من جسد الأميرة من أعلى رأسها إلـى أخمص قدميها ولم تهمل جزءاً منه ... والمفاجأة كانت عندما أُنشد البيت:
أن تُـتهمي فتهامة وطني .......... أو تُـنجدي إن الهـوى نجدُ
حينها صرخت الأميرة ( وا بعلاه ... وا بعلاه ... لقد قتل الرجل زوجي المرتقب ) وتجمع الحرس والحاشية وأخذوا يستفهمون ويتساءلون : ما الخبر ؟؟؟ فشرحت لهم أن شاعرها من تهامة لقول ه ( أن تـُتهمي فتهامة وطني ) ... بينما منشدها من نجد حسب ما يوحي لسانه بذلك والشطر هل بالطـــلول لسائل رد *** أم هل لها بتكـــــلم عهد
درس الجديد ، جديد معهدها *** فكأنما هي ريطة جرد
بيضاء قد لبس الأديم بها *** ء الحسن فهو لجلدها جلد
فالوجه مثل الصبح مبيض *** والشعر مثل الليل مسود
ضدان لما استجمعا حسنا *** والضد يظهر حسنه الضد
وكأنها وسنى إذا نظرت *** أو مدنف لما يفق بعد
بفتور عين ما بها رمد *** وبها تداوى الأعين الرمد
والصدر منها قد يزينه *** نهدٌ كحق العاج إذ يبدو
والمعصمان، فما يرى لهما *** من نعمة وبضاضة زند
ولها بنان لو أردت له *** عقداً بكفك أمكن العقد
وكأنما سقيت ترائبها *** والنحر ماء الورد إذا تبدوا
وبصدرها حقان خللتهما *** كافورتين علاهما ند
والبطن مطوي كما طويت *** بيض الرياط يصونها الملد
وبخصرها هيف يزينه *** فإذا تنوء يكاد ينقد
ولها هن رابٍ مجسته *** وعر المسالك، حشوه وقد
فإذا طعنت، طعنت في لبدٍ *** وإذا نزعت يكاد ينسد
والتف فخذاها، وفوقهما *** كفل ـ يجاذب خصرها ـ نهد
فقيامها مثنىً إذا نهضت *** من ثقله، وقعودها فرد
والكعب أدرم لا يبين له *** حجم، وليس لرأسه حد
ما عابها طول ولا قصر *** في خلقها، فقوامها قصد
إن لم يكن وصل لديك لنا *** يشفي الصبابة ، فليكن وعد
لله أشواقي إذا نزحت *** دار بنا، وطواكمو البعد
إن تتهمي فتهامة وطني *** أو تنجدي، يكن الهوى نجد
وزعمت أنك تضمرين لنا *** وداً، فهلا ينفع الود
وإذا المحب شكا الصدود ولم *** يعطف عليه فقتله عمد
تختصها بالود وهي على *** ما لا نحب ، فهكذا الوجد
ولقد علمت بأنني رجل *** فالصالحات أروح أو أغدو
متجلبب ثوب العفاف وقد *** غفل الرقيب وأمكن الورد
ومجانب فعل القبيح، وقد *** وصل الحبيب ساعد السعد
فأروح حراً من مذلتها *** والحر حين يطيعها عبد
ليكن لديك لسائل فرج *** أو لم يكن.. فليحسن الرد ( * )
ه ( أن تـُتهمي فتهامة وطني ) ... بينما منشدها من نجد حسب ما يوحي لسانه بذلك والشطر